جارتنر: الطباعة ثلاثية الأبعاد ستشعل جدلاً أخلاقياً وقانونياً
كشفت مؤسسة جارتنر للأبحاث عن توقعاتها المستقبلية الخاصة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وأشارت فيها إلى وجود تقدّم كبير في هذه التقنية لإنتاج الأنسجة الحية والأعضاء، مما سيشعل جدلاً حول الجانب الأخلاقي لهذا الاستخدام بحلول العام 2016، وفي الوقت ذاته فسيشهد استخدام هذه التقنية لإنتاج الأعضاء غير الحية مثل الأطراف الصناعية ازدهارا كبيرا، لاسيما مع ازدياد عدد السكان ومستوى الرعاية الصحية المتواضع في البلدان الناشئة.
قال بيت باسيليير رئيس الأبحاث في جارتنر: ” سيشهد استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال طباعة الأنسجة الحية والأعضاء البشرية تقدّما كبيراً يفوق بكثير فهم الناس وقبولهم لتداعيات هذه التقنية”.
وقد أعلنت جامعة «هانجزو ديانزي» في الصين في شهر أكتوبر من العام 2013 أنها اخترعت طابعة بيولوجية ثلاثية الأبعاد أطلقت عليها اسم «ريجينوفو»، وتم استخدامها لتشكيل كلية صغيرة استمرّت في العمل لمدة 4 أشهر. وفي وقت سابق من العام 2013 تم تزويد طفل يبلغ من العمر عامين في الولايات المتحدة بقصبة هوائية مزوّدة بخلايا جذعية.
وعلّق السيد بيت على ذلك بالقول: “تأتي هذه المبادرات بدوافع طيبة ونية حسنة، إلا أنها تثير الكثير من التساؤلات التي تبقى بلا إجابة، فمثلا ما الذي يمكن أن يحدث في حال تم تطوير أعضاء تضم خلايا غير بشرية؟ ومن سيتحكّم بالقدرة على إنتاجها؟ ومن سيضمن جودة الأعضاء التي يتم إنتاجها؟ “
تصنيع أجزاء بشرية بالطباعة ثلاثية الأبعاد:
ولم يعد ببعيد ذلك اليوم الذي تتوفر فيه إمكانية تصنيع الأعضاء البشرية من خلال الطابعات ثلاثية الأبعاد، وهو ما سيشعل جدلاً حاداً حول الجوانب السياسية والأخلاقية والمالية للمسألة.
ومع تقدّم تقنية الطباعة بالأبعاد الثلاثة، فإن قدرتها على تصنيع أجزاء بشرية مخصّصة تلقى رواجا كبيرا في سوق التجهيزات الطبية، لاسيما في المناطق الضعيفة اقتصاديا والتي مزّقتها الحرب، إذ يزداد الطلب هناك على الأجهزة الخاصة بالأعضاء البشرية الصناعية وغيرها من الأجهزة الطبية. وإضافة إلى ذلك فإن زيادة تفهّم قطاع علوم المواد وخدمات التصميم المعتمدة على الكمبيوتر والتكامل مع قطاع الرعاية الصحية سيساهم في زيادة الطلب على الطباعة ثلاثية الأبعاد ابتداء من العام 2015.
توقعات بنجاح التقنية في البلدان النامية:
وعلّق بيت على ذلك بالقول: “ستزداد معدّلات النجاح الإجمالية للحالات التي يتمّ توظيف الطباعة ثلاثية الأبعاد في البلدان النامية لعدّة أسباب، منها سهولة الوصول المتزايدة لهذه التقنية، والعائدات الجيدة على الاستثمار التي تحققها، فضلا عن تبسيط المسائل المتعلقة بسلاسل الإمداد لتزويد هذه المناطق بالأجهزة الطبية. ومن العوامل الهامة أيضا النسبة العالية للسكان المصحوبة بمستوى متدنّي من الرعاية الصحية، لاسيما في المناطق التي شابتها نزاعات داخلية أو حروب”.
وبعيدا عن قطاع الرعاية الصحية، فستجلب الطباعة ثلاثية الأبعاد تغيرات وتحديات كبيرة، إذ تشير توقعات جارتنر إلى أن 7 من أكبر 10 شركات للتجزئة ممن تعتمد على القنوات المتعددة في العالم ستستخدم الطابعات ثلاثية الأبعاد لتجهيز الطلبات المخصّصة، كما سيتم بناء نماذج أعمال جديدة كليا اعتمادا على هذه التقنية.
منتج يزداد رواجاً بين المستهليكن:
وعلّقت ميريام بيرت، نائب الرئيس للأبحاث في جارتنر على ذلك بالقول: “لقد بدأت بعض شركات التجزئة بيع الطابعات ثلاثية الأبعاد للمستهلكين الذين أصبح بإمكانهم تصنيع المنتجات وفق تصاميمهم الخاصة، وإننا نتوقع انتشار خدمات النسخ ثلاثي الأبعاد ومكاتب الطباعة ثلاثية الأبعاد بحيث يمكن للمستخدمين جلب النماذج ثلاثية الأبعاد إلى متاجر التجزئة والحصول على تصاميم ومجسمات فائقة الجودة عبر خدمة الطباعة ثلاثية الأبعاد، ويمكن تنفيذ ذلك باستخدام مواد عديدة مثل البلاستيك والسيراميك والستانل ستيل ومعدن الكوبالت وسبائك التيتانيوم”.
وسيسبب انتشار هذه التقنية في الطباعة تحديات كبيرة في مجال سرقة الملكية الفكرية، وتتوقع جارتنر أن تسبب الطباعة ثلاثية الأبعاد خسائر لا تقلّ عن 100 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2018 بسبب سرقة وانتهاك الملكية الفكرية.
وعلّق بيت على ذلك بالقول: “تلعب العوامل التي تعزز الابتكار، مثل التوكيل الجماعي وتجميع عمليات الأبحاث والتطوير ودعم الشركات الناشئة إضافة إلى تقصير عمر المنتج، دورا هاما في توفير أرضية خصبة لسرقة وانتهاك الملكية الفردية باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد، ومن الممكن الآن طباعة الكثير من الأشياء بالأبعاد الثلاثة مثل الألعاب والأجهزة وقطع السيارات وحتى الأسلحة”.
ستخلّف صعوبات في حماية الحقوق الفكرية:
وسيكون من الصعب على الشركات في ظل هذه التطوّرات حماية ابتكاراتها الخاصة أو الحقوق الفكرية المسجلة باسمها، كما ستتراجع قدرتها على الاستفادة من تلك الحقوق، وستساهم عمليات انتهاك وسرقة الملكية الفكرية في تخفيض كلفة تطوير المنتجات وسلاسل الإمداد، مما سيتيح بيع السلع المقلّدة بسعر منخفض، وقد يحصل المستخدمون الذين لا يلتزمون الحرص الكافي على منتجات ذات أداء سيء أو خطر أحياناً.